أصبحت التكنولوجيا والتقنية من صميم مقومات العصر الذي نعيشه، حيث تدخل في كل جوانب حياتنا ولا يمكن للإنسان أن يستغني عنها. وبعضٌ من أجهزة التكنولوجيا الحديثة أساء الإنسان استخدامها، وظهر ذلك في ما سمي بالإرهاب الإلكتروني، وغالباً ما يستخدم في مجال الحروب وكذلك في مجال عمل الاستخباراتية، وذلك يعطي مجالاً لبعض الدول التي ترعى الإرهاب في العالم والمنظمات الإرهابية، ويشكل ذلك خطورة على الأمن والسلم الدوليين.

وتكمن خطورته في سهولة استخدامه وتسهيل الاتصال بين الجماعات الإرهابية وتنسيق عملياتها وأسلوب الإقناع وابتكار أساليب إرهابية متقدمة. ولعل استخدام الطائرات الموجهة «بدون طيار» هو نوع من أنواع هذا الإرهاب الإلكتروني، ومكمن الخطورة في أنها تكون مجهولة المصدر، وتزايدت المخاوف من هذا النوع من الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر في أمريكا، والتي وقفت وراءها «القاعدة»، لما يوفره الفضاء الإلكتروني من فرص للتنظيمات الإرهابية للقيام بهجمات تترتب عليها أضرار جسيمة. وكذلك ما حدث عند اتهام روسيا بالتدخل في المعلومات الإلكترونية أثناء الانتخابات الرئاسية الأمريكية لصالح حملة طرف ما. وخطورة هذا النوع من الإرهاب تزيد عندما تقع المعلومات في يد جماعات إرهابية تستخدمها في أعمال العنف والتدمير.

ومما زاد من الخطورة كذلك، هو دخول الحاسب الآلي والإنترنت في جميع المجالات وتطور أنظمة المعلومات أكثر، حتى أصبح من الصعب في بعض المجالات التعرف على المصدر، حيث من الممكن تهديد اقتصاد دولة ما باقتحام مواقع البورصة العالمية، كما يمكن التدخل في نظام الاتصالات والكهرباء أو المياه بل والسيطرة على المجالات الأخرى، وبذلك يمكن السيطرة على نظام الدولة الإلكتروني بأكمله.

وكذلك دخوله في مجال التواصل الاجتماعي من خلال «فيسبوك» أو «واتساب» أو «تويتر» أو «الفوتوشوب» وغيرها، والتي في هذا المجال قد يساء استخدامها في مجال العلاقات الاجتماعية وتأجيج الصراعات الاجتماعية بين الناس والجماعات، وإيجاد كثير من المشكلات الاجتماعية، خاصة أنها يمكن أن تكون في متناول الجميع مثل الأطفال والأفراد ذوي السلوك الشاذ في المجتمع، وهناك مشكلات كثيرة في العالم بسبب وسائل التواصل الاجتماعي الإلكتروني.

لذا، اتجهت بعض الدول إلى اختراع نوع من الوسائل والأجهزة المضادة التي تساعد على كشف عمل كثير من الأجهزة المسؤولة عن تنفيذ الأعمال الإرهابية وإبطال مفعولها. ورغم الحملات الدولية وما تقوم به المنظمات الدولية ضد الإرهاب، إلا أنه مازال مستمراً، والسبب في أن هناك جهاتٍ عديدة تموّل الإرهاب، جماعاتٍ ودولاً، كما يحدث في بعض الدول التي تشهد حروباً.

والنظام الإيراني في دعمه لأعمال الإرهاب هو أوضح مثال على ذلك عندما ضُربت الناقلات البحرية في مياه عمان، وبعد التحري والتأكد أعلنت أمريكا وبريطانيا أن إيران هي من يقف وراء هذا العمل، وأن نظامها هو المسؤول عن دعم معظم التنظيمات الإرهابية في العالم.

ولإيجاد حلول للقضاء على هذا الإرهاب، أجد أن أهم الحلول هو العلاج الوقائي المتمثل في التأكيد على غرس القيم الأخلاقية والإنسانية، والتأكيد على مبدأ التسامح ونبذ الكراهية وتأصيل المحبة بين بني البشر وربط الحرية بالمسؤولية الاجتماعية، حيث إن الجانب الإنساني مهم في عصر تطغى عليه المادة. وفي مجتمعاتنا نجد أن الدين الإسلامي قدم هذا النوع من العلاج الناجع للوقاية من الإرهاب بأنواعه، والتعصب، والتطرف الفكري والديني، وتنشيط إعمال العقل الواعي في جميع الأمور.

غالباً نجد أن الشباب هم الفئة المستهدفة دائماً من الجماعات الإرهابية، وذلك لأنه في هذه المرحلة يكون الشاب متحمساً ولديه تطرف في العواطف والاتجاهات النفسية، ويكون سريع التعلم بسبب نضج قدراته العقلية؛ ولذا وجدت بعض الدراسات العلمية أنه بسبب أن الحياة المعاصرة حدت من دور عملية التنشئة الاجتماعية السوية للأبناء سواء في الأسرة أو المدرسة أو المجتمع المحلي، أُوجِد شباب متطرف من السهل استدراجه من قبل الجماعات الإرهابية. ولذا فإن وضع استراتيجية شاملة لمعالجة الإرهاب هو مسألة ضرورية، بخلاف المعالجات الأمنية للمشكلة التي هي علاجات مؤقتة وتعمل كمُسكِّن ولا تعالج المشكلة من جذورها؛ ولذا، مطلوب المزيد من الدراسات والبحوث العلمية في هذا المجال لوضع الحلول للمعالجة العلمية. ولا يمكن أن نغفل عن معالجة المشكلات الاجتماعية كالفقر والبطالة للقضاء على المشكلة.