تونس – منال المبروك

عاد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إلى لعب دور المجمّع من جديد محاولا إعادة الإمساك بخيوط اللعبة السياسية التي انفرطت من بين يديه المدة الماضية بعد أن عقدت حركة النهضة الإسلامية تحالفا سياسيا جديدا مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد.

والجمعة أشرف الرئيس التونسي بقصر الرئاسة بقرطاج، على اجتماع لبحث مستجدّات الوضع العام بالبلاد وأساسًا الأزمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة الراهنة، وذلك بحضور كل من رئيس مجلس نواب الشعب ورئيس الحكومة والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل إلى جانب رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، ورؤساء الأحزاب والكتل البرلمانيّة الداعمة للحكومة.



وهذا اللقاء هو الأول الذي يجمعه منذ مدة مع رئيس الحكومة من جهة ورئيس حركة النهضة من جانب ثاني ليخرج بذلك الباجي من جديد في دور المجمع الباحث عن المصالحة العليا للبلاد على حساب المصالح الشخصية والحزبية بعد أن لاحقته التهم بالانحياز لمصلحة نجله حافظ السبسي على حساب ابنه بـ"التبني" يوسف الشاهد.

وشهدت الفترة الماضية، حالة فتور بين رأسي الحكم في تونس وعدم التنسيق في الملفات الكبرى بين مؤسستي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، فيما تسربت تداعيات هذا الخلاف إلى البرلمان الذي بات يشكو قصورا في مهامه بعد التحاق حزب "نداء تونس" بالمعارضة.

وحذر الرئيس التونسي، الجمعة، من تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، مؤكدا أن الحالة الراهنة لا تبشر بانفراج سريع، في إشارة لحكومة الشاهد والإخوان.

وأشرف السبسي على اجتماع لبحث مستجدات الواقع التونسي، بحضور رؤساء مجلس النواب والحكومة ومنظمات وأحزاب وكتل برلمانية.

وأكد أن البلاد تشهد ارتفاعا في منسوب الاحتجاجات الشعبية واحتقانا كبيرا، نتيجة الظروف الاجتماعية الصعبة والتراجع الاقتصادي الملحوظ.

ووفق بيان أصدرته رئاسة الجمهورية شدّد رئيس الجمهورية الباجي السبسي في افتتاح الجلسة على تردّي الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وما رافقه من ارتفاع منسوب الاحتقان والتوتّر السياسي، في ظرف أمني يتّسم بالدقة ويشهد محاولات متكررة لاستضعاف الدولة وتهديد كيانها، بما لا يبشّر بانفراج سريع للأوضاع وقد يفتح الباب أمام مزيد من المخاطر والتحديّات وذلك وفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية .

وأكّد رئيس الدولة على ضرورة مواصلة الحوار بين كل الأطراف على قاعدة تغليب المصلحة الوطنيّة والترفّع عن الحسابات السياسيّة الضيقة وإيجاد حلول جذريّة كفيلة بتفكيك عناصر الأزمة الراهنة واتّخاذ القرارات الشجاعة والجريئة الكفيلة بإعادة الأمل للتونسيين وصيانة المسار الديمقراطي وحماية الدولة من الأخطار المحدقة بها، مع الولاء فقط لتونس والمصلحة العليا لشعبها.

ومنذ 28 مايو الماضي، توقفت الاجتماعات بين الأحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي والمنظمات الوطنية في الفارط بعد إعلان الرئيس السبسي عن تجميد لقاءات "وثيقة قرطاج 2".

كان مسار التفاوض قد توقف بعد حصول خلاف وتباين في المواقف حول مستقبل الحكومة ورئيسها وتمسك حزب "حركة النهضة" بالإبقاء على رئيس الحكومة، ودعم ما أصبح يعرف لاحقا في الحياة السياسية "بدعم الاستقرار الحكومي".

ويأتي لقاء الجمعة على وقع تواصل أزمة سياسية حادة يرى المراقبون أنها قد تحولت إلى "أزمة حكم"، خصوصا بعد حصول توتر في العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وما نجم عن هذا "التغير في العلاقة" وفق تعبير رئيس الحكومة من وجود حالة "حرب باردة" بين قرطاج والقصبة برزت من خلال التحوير الحكومي الأخير ومن خلال شح اللقاءات التي كانت دورية.

كما تعود أجواء الحوار لقصر قرطاج بعد الإعلان عن نهاية "توافق الشيخين" "الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي"، الذي حكم البلاد خلال الأربعة سنوات الأخيرة ما يوحي ببوادر حلحلة الأزمة السياسية التي ستساهم قطعا - لو حصل ذلك - في تخفيض منسوب التوتر السياسي والاجتماعي ودرء الخطر الاجتماعي الذي يحدق بالبلاد وفق خبراء سياسيين.

يذكر أن السبسي على خلاف سياسي مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد، الذي تخلى عن حزبه "نداء تونس" وتحالف مع حركة النهضة الإخوانية.

وتشهد تونس هذه الأيام تحركات واسعة ومظاهرات شعبية في مدن عدة، جراء ارتفاع الأسعار وغياب التنمية والسياسات الاقتصادية الفاشلة لحكومة الشاهد وجماعة الإخوان الإرهابية.

ووصلت الاحتجاجات إلى قلب العاصمة، الثلاثاء الماضي، على خلفية انتحار الصحفي التونسي عبدالرزاق الرزقي، الذي أضرم النار في جسده، رفضاً للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية التي تمر بها محافظة القصرين.

وفي السياق ذاته، قررت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين بدء إضراب عام في 14 يناير 2019، بسبب سياسات حزب النهضة الإخواني ونتائج حكمه الكارثية، فضلا عن تورطه في الإرهاب.